قـلـــب مــــــازال يـنـبــــــض
وقفت السيارة التاكسي القديمة في احدي القري ونزل منها شاب سأل عن المدرسة الاعدادية . لقد كان المدرس الجديد
ابن الاسكندرية وكم عاني بعد استلامه لخطاب التعيين.كيف سيبعد عن الاسكندرية المدينة التي عاش وترعرع فيها
عن اصدقاء الطفولة والشباب والي اين؟ قرية صغيرة لم يسمع عنها في حياته .لكن ها هي طبيعة الحياة .ورب ضرة نافعة .
استقبل الاستاذ باستقبال لم يتوقعه . فيه الحفاوة التي يستحقها كضيف وكمربي في المدرسة الجديدة . ووفق عادات هذه
القرية قام احد وجهائها بدعوة الاستاذ للغداء . كان الحديث اللطيف الذي امتد الي موعد العشاء تناول فيه المواقف الطريفة التي
مر بها وعن اهله والده المهندس واخوانه واخواته وحياته التي قضاها بالاسكندرية.
وبعد أن ترك الاستاذ الدار متوجها للمدرسة حيث تم اعداد غرفة صغيرة له للمبيت احس بأن لهذا المجتمع الجديد عليه نكهة
وطعم لم يألفهما في حياة المدينة . وتمر الأيام ويتقدم الأستاذ لخطبة أبنة الرجل .كانت وفق عادات أهل الريف لم تكمل دراستها
الا أنها علي درجة من الوعي والثقافة كفلها المستوي الأجتماعي الذي تعيشه . وكانت الموافقة والزواج ......
وتمر الأيام هانئة ويرزق المدرس بولد لم تكتب له الحياة وتتكرر نفس الحالة لمرتين وفي المرة الثالثة وقبل الوضع أقتراح أهل
القرية علي الزوجة ان تسمي الوليد اسم غير مألوف حتي يعيش الا أنها رفضت وبشدة مثل هذه التسميات بل سيكون اسم من أسماء رسول الله .
وقد كان وأتي المولود ذكرا وأسماه والداه محمد وتنتقل الأسرة الي المدينة حيث نقل الأب .ولقد كانت حياة محمد حياة هادئة بها الرفاهية
والاهتمام الخاص من جميع من حوله لتصل لحد التدليل وكيف لا وهو الولد البكر وايضا الذي خرج من فم الموت .الذي كتب علي اخوانه السابقين
حتي وبعد أن كبرت الأسرة بوصول أخوات وأخ أخر ظل محمد هو محور الأهتمام للجميع وأقصد هنا اضافة الي والديه جدته لأمه حيث انتقل
جده لأمة لجوار ربه وأخواله وخالاته وجده وجدته لآبيه وأعمامه وعماته . الا أن الله سبحانه وتعالي قد حفظه من نتيجة الدلال حيث من
عليه بالعقل والكياسة والأدب الجم.وكبر محمد وانتقل من الدراسة الابتدائيه الي الاعدادية ثم الي الثانوية وفي سنته الأولي توفي الله والده.
وهنا طلبت الأم ميراثها من أبيها والذي لم تكون قد فكرت فيه سابقا لسعة العيش الذي كانت تعيشة حتي لا يقل المستوي المادي للأسرة
بل يزيد .واستلمت زمام الأسرة وقد كان محمد نعم السند لأمه وأخيه وأخواته .وفي الصف الثالث من المرحلة الثانوية اتجه محمد الي
الرياضة وكعادتة في التميز في كل مجال يلتحق به نسي نفسه وساعد في ذلك تطور مستواه الرياضي فكان ذلك علي حساب دراسته.
وكانت هذه هي الكبوة الأولي والأخيرة و التي كان علي أثرها قرار محمد بعدم دخول الامتحانات لأنه غير مستعد الأستعداد الكافي.
وتتجلي فطنة الأم الريفية في اقناع محمد بالسعي أكثر ودخول الأمتحان واذا كتب الله النجاح كان . وان لم يكن فلن يخسر شيء
لكن الأستفادة ستكون في دخول لجنة الثانوية العامة وكسر حالة الرهبة التي تصل للرعب للطالب...
ودخل محمد الامتحان ...... ونجح وقدم للجامعة -والتحق باحدي الكليات.كان محمد ولغاية هذا العمر لا أقول معقدا في علاقاتة
بالجنس الأخر بل العكس محبوب الا أنه كان لا يسمح بتطور أي علاقة أكثر من اللازم . وفي الكلية تعرف علي مروة كانت بنت ريفية
من اسرة مكافحة أخذت من أشعة الشمس شعرها ومن ضياء القمر لونها ومن لون خير الأرض لو ن عينيها .نسمة الصبح الندية بسمتها .
زقزقة العصافر في يوم ربيعي ضحكتها .صفصافة تميل علي جدول ماء رقراق شعرها .
كانت ملاك في صورة انسان ذات عقل راجح ومجاملة رقيقة تحترم نفسها قبل الأخرين .قلب نابض بالخير للجميع تضفي أينما حلت سكينة
وبهاء وصفاء علي كل من حولها جل أهتمامها دراستها .بعيدة عن البهرجة والدلال المبالغ فيه كزميلاتها مما جذب أنتباهه لها في أنها
ستكون الزوجة المثالية له . وعلي هذا الاساس تم التقارب لينمو الحب بين القلبين كان دائما يتكلم عنها امام والدته التي احست ان وراء
الأكمة ما ورائها لكنها لم تعقب وتركت الموضوع للزمن وهو كفيل بأن ينسي محمد هذه البنت ( فورة عاطفة الشباب ) ..
لكن لم تكن مصيبة في رأيها هذه المرة .وفي المرحلة الثالثة كان التصريح المتبادل بين محمد ومروة وأن أحدهما لا يستطيع العيش بدون
الأخر وتحدث معها محمد عن أسرته ووضعهم الأجتماعي والمادي .وأعلمته أنها من أسرة فقيرة والدها يعمل باليومية الا أنه انسان عفيف
النفس كريم علي أسرته يقطع من زاده ليطعمهم ويتعري ليكسيهم .وأنه معهم الي أخر مدي في الدراسة حتي لو استدعي الأمر أن يبيع
نفسه في سبيل أسرته . وأكبر محمد صراحتها واعتزازها بنفسها وسألها اذا تقدم لها ماذا سيكون الرد.
واحمر وجهها خجلا وهي تقول بلسان متلعثم أنا لست مرتبطة بأحد وأي شيء تريد أن تناقشه يكون مع أهلي .هذا من خلال بسمة خلابة
وعيون تلمع سعادة.
وتحدثـت مروة مع امها عن محمد وأهله ورغبته في الارتباط بها وكم كانت سعادة أمهاالتي أعلمت والدها الذي أدمعت عينيه وهو يحمد ربه
بأن وفقة في صون الأمانه وعبر بابنته الي بر الأمان .سيصبح لديها شهادة وزوج من عائلة .واخبرت الأم ابنتها بالموافقة المبدأية
فرحت مروة واحست أن الدنيا ضحكت لها وعم الفرح الأسرة كلها .
أحس محمد أن القدر يجمع بينهما بعد أن أعلمته مروة بأنها تحدثت مع والدتها وأنها قالت ما دام ابن أصول ربنا يسهل و به
يأتي مع أهله في أي وقت .
وطار محمد من الفرحة .فرحة غامرة وذهب مسرعا الي أمه وأخبرها.................
الا أن أمه وبعد أن فرغ من حديثه عنها وعن أهلها وأنهم يرحبون بهم ....قالت له .....
محمد لم اعودك وقبلي والدك رحمة الله عليه برفض أي طلب لك .. أتدري لماذا ؟ لأنك لم تطلب حتي وأنت صغير أي شيء قد يسبب
لك ضررا أو أعلي من امكانية تحقيقه لكن ولدي وفلذة كبدي أريد أن أراك في أحسن حال لذلك ألا تري معي أن مثل هذا الارتباط غير متناسب
اجتماعيا وماديا؟؟؟؟؟؟
ولأول مرة في عمرة ينقبض قلبه الغض . ماذا أسمع ؟؟ هل هي هذه والدتي ؟ هل هذا هو منطقها وتحليلها للأمور ؟ بالوعتي وأخيرا طاوعه
لسانه وقال لها هل المال هو كل شيء ياأمي الحبيبة ؟ هل الوضع الاجتماعي حكر علي ناس دون غيرهم .ألم تمر ظروف قاسية تعصف بكيان
أسرة وتنزلها إلي أخر درجة من السلم الاجتماعي المزعوم .وأخري ترفع من في أسفل الدرجات إلي أعلاه.
يا أمي نحن من نخلق فرصنا.وردت الأم : عندما تسأل من هو والدك ؟؟ من هم أجدادك ؟ هل تجد أي غضاضة في الرد ؟ الجواب لا
لكن عندما يسأل ابنك نفس الأسئلة هل سيرد بلا غضاضة تؤثر علي نفسيته؟
ثم التقارب الاجتماعي و المادي أساس ناجح للحياة الزوجية والعكس صحيح . ولما رأت عدم القناعة في عيني ووجه محمد قالت له ياولدي ألا تري معي أنه من الواجب وأنت أكبر إخوتك أن تنتظر الي أن يعبروا الي بر الأمان بحصولهم علي مؤهلهم الدراسي الذي قاربت أنت
علي الحصول عليه.هل تتركني أتحمل مسؤوليتهم وحدي وأنا أقول لنفسي الحمد لله أن محمد قارب علي أن يحمل معي المسئولية .
لقد كانت تتحدث ويعرف محمد أن حديثها فيه من الصحة الكثير لكن القلب وما يهوي . وأطرق محمد وقال لها .
لم أخالفك يوما يا أمي لك ما أردت.ولم يستطيع محمد أن يفصل بين واجبه تجاه أسرته وحبه الذي ملئ عليه حياته.كيف سيقابل مروة ؟؟
وماذا سيقول لها ؟؟ ..... ولم يستطيع النوم من يومها ولم يعود للأكل طعم .للشرب طعم .لم يعود للحياة كلها طعم...
انه يري حياته تنتهي رويدا رويدا . وتمر الأيام وتسوء حالته الصحية أكثر وأكثر.ولم تتحسن بالرغم من العلاجات التي وصفها له الأطباء
الذين احتاروا في تشخيص حالته .
ووجدت الأم التي انفطر قلبها علي ولدها أن علاجه ليس عضويا كما ظنت.وأن اقتناعه برفض فكرة الزواج لم يكون إلا إرضاء لها
ولم يكون أمامها طريق للحفاظ علي ولدها إلا أن توافق علي ما أراده .فقالت له يا ولدي أنت قرة العين أنت أول الفرحة إذا كنت قد
وضحت لك الأمور كما أرها في رغبتك بالارتباط بمروة ليس معني ذلك رفضي القاطع او النهائي. الذي أريده أن تنهي أنت وهي دراستكم
أولا ولا تنسي أن الارتباط ربما يؤخركما عن دراستكما . وأعطيك وعد بأن تكون لك.. ورأت الدم يعود لوجهه وتدب الحياة في أوصاله.
ياربي أحمدك وأشكرك كانت هي الكلمات التي قالتها في قلبها. ورد عليها بصوت حاول قدر الإمكان أن يكون واضحا .أمي لا أدري
ما أقول لك أنت ودائما ستظلين أعظم أم في الدنيا . وأتمنى أن نقرأ الفاتحة علي الأقل حتي يعرف الناس بارتباطنا وأن أفي بوعدي لها .
فتبسمت الأم وقالت المهم عود لنا مثل ماكنت . ولأول مرة يتقبل الأكل ويتحرك من مكانه وأراد أن يذهب إلي كليته
فاستمهلته والدته إلي أن يسترد عافيته.لمدة أسبوع فقط. وحثي تراك مروة كما كانت تراك سابقا .
ووافق . وأمتلئ البيت فرحة به ومنه وعاد الصفاء والهناء للأسرة وردت الصحة الي محمد الذي عاد إلي طبيعته. وشتان مابين حالة الأرق
والسهد التي أدت إلي عدم النوم سابقا وحالة الفرحة والوجد والشوق التي يعيشها الآن. ومر الأسبوع .واستعد بأفخر ثيابه وتعطر وأصبح
في أحلي هندام .وذهب إلي كليته ليزف الخبر إلي حبيبته لقد وافقت والدتي. انك ستكونين لي وأنا لك . وعد مني لن أتركك أبدا ما حييت.
أنت توئم روحي يا حبيبة القلب مروة.ياربي لماذا طال الطريق .لقد كان قلبه يسبق سيارته .خطواته للقاء حبيبته .
واقترب من كليته .كيف سيكون
لقائي بها ؟ أأضمها لصدري ؟ أأحملها وأدور بها حول نفسي؟
أأنادي عليها بأعلى صوتي حبيبتيييييييييييييييييي مروةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة
أ جبااااااااااااااااااااااااااك؟
ووصل إلي باب الكلية ............................
ورأي مــــــــــــــــــــــــــــــروة ......................
رآها أسـمــــا مـخـطـوطــا عـلــي قـمــاشــ أ ســــود ....................
تـنـعــــي الـكـلـيــــة أســـاتـــذة وطــــــلاب المرحــــو مــــــة .... مـــــــــــــــــــــــرو ..............
وصــــــــاح جـئـتــك لـنــدخــل انــا وأنــت الــدنـيـــا فـتـتــركـيــنــي فـيــهــــــا وحــدي وتــذ هــبــــــي ...مروةةةةةةةةةةةةة
وأهــتــزت الارض...وأظـلـمـــت الدنيــــا..... وسكنـــة الحيـــــاة ..... ووقـــف الزمـــن
.................................................. ..........
........................................
.......................
...........
. هـل هـي نهــــــــــــايــــــــة
. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟
. هــــل هــــي بــــــدايــــــــة
. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟
. هذه ليست قصة من نسج الخيال .... لكنها ..... وقد تصادف كل منا أو قد تكون قد صادفتنا وان اختلفت النهايات ....
قـلـــب مــــــازال يـنـبــــــض الــمـــــــــــــا و ..دمـــــــــــــــــــــا
. أهديها إلي كل أعضائنا وزوارنا الكرام